ضمن فعَّاليَّات منتدى روَّاد التَّعليم في نسخته الرَّابعة، أطلقت إدُّو فكرة وبالتَّعاون مع جمعيَّة المعلِّمين بدولة الإمارات العربيَّة المتَّحدة التَّجربة الرِّياديَّة- الصَّفُّ التَّدريبيُّ الاحترافيُّ– والَّتي تمثَّلت في محاكاة صفّ دراسيّ واقعيّ يهدف إلى تمكين المعلِّمين من مهارات التَّدريس الفعَّال لمعلِّمي اللُّغة العربيَّة للنَّاطقين بها والنَّاطقين بغيرها.
جاء الصَّفُّ الاحترافيُّ ليكون بمثابة صفا احترافيا تفاعليًّا يجمع بين الجانب النَّظريِّ والتَّطبيقيِّ في آن واحد، ليمنح المعلِّمين تجربةً حيَّةً تعكس التَّحدِّيات والفرص داخل البيئة الصَّفِّيَّة.
الصَّفُّ الاحترافيُّ: من الورشة إلى المحاكاة الواقعيَّة
بدأ الصَّفُّ بورشة إثرائيَّة حول مهارات معلِّم اللُّغة العربيَّة في بيئات متعدِّدة اللُّغة، مركَّزةً على أهمِّيَّة التَّفاعل الثَّقافيِّ، والتَّمييز بين استراتيجيَّات تعليم النَّاطقين باللُّغة العربيَّة والنَّاطقين بغيرها.
أعقب الورشة محاكاة صفّ تعليميَّة واقعيَّة، تمَّ خلالها تطبيق حصَّة نموذجيَّة أمام المعلِّمين المشاركين، مع شراكة حقيقة لطلَّاب عرب وغير عرب بصورة مباشرة حيث كانوا شركاء فعليِّين أظهروا تفاعلاً حقيقيًّا، ما أضفى طابعًا عمليًّا واقعيًّا على التَّدريب.
هذا الدَّمج بين المعلِّم والمتعلِّم، وبين النَّظريَّة والتَّطبيق، خلق بيئة صفيَّة تحاكي الواقع الفعليَّ بكلِّ تفاصيله: من إدارة الوقت إلى التَّفاعل مع تنوُّع
الخلفيَّات الثَّقافيَّة واللُّغويَّة.
إدارة الصَّفِّ بأسلوب احترافيّ
قدَّم الصَّفُّ الدُّكتور محمَّد سلامة، بخبرة أكاديميَّة وتربويَّة بارزة، استطاع من خلالها أن ينقل الحضور إلى داخل صفّ حقيقيّ، مع المحافظة على توازن دقيق بين عرض المحتوى وتفعيل دور المعلِّم في ضبط الصَّفِّ وإدارة الحوار.
كما استخدم تقنيَّات واستراتيجيَّات حديثةً كال (التَّخطيط العكسيُّ) للحصَّة، وطرح أسئلة تحفُّز التَّفكير النَّقديِّ، واستطاع أن يجعل من كلِّ دقيقة داخل المحاكاة لحظةً تعليميَّةً قائمةً بذاتها.
وتألَّق بدوره الدُّكتور (جمعة أبو ريَّه) الخبير في تعليم اللُّغة العربيَّة للنَّاطقين بغيرها في إدارة حصَّته بأداء مميَّز، راعى فيها الفروق الفرديَّة بين الطُّلَّاب واختيار الدَّرس المناسب والتَّخطيط له بطريقة مرنة تضمن تطبيق الأنشطة الصَّفِّيَّة بمهارة عالية، وتفاعلاً حقيقيًّا مع المعلِّمين المشاركين.
شراكة طلَّابيَّة … ونقاش تربويّ
من أبرز ما ميَّز التَّجربة هو الشَّراكة الحقيقيَّة مع الطُّلَّاب، إذ كان لهم دور فاعل في تشكيل المشهد التَّعليميِّ. هذا التَّفاعل ساعد المعلِّمين على ملاحظة التَّحدِّيات الواقعيَّة الَّتي قد تواجههم، من تفاوت الاستجابات إلى الفروقات الفرديَّة.
وفي الجلسة الختاميَّة، خصَّص وقت لنقاش مفتوح مع الحضور من المشاركين، أتيح فيه للمعلِّمين طرح الأسئلة، ومشاركة الملاحظات، وتدوين تحدِّياتهم في ملفّ تحليليّ لأداء المعلِّم، ممَّا عزَّز الوعي بأهمِّيَّة التَّقويم الذَّاتيِّ.
لماذا كانت تجربة تستحقُّ التَّكرار؟
• محاكاة واقعيَّة: نقلت بيئة الصَّفِّ الفعليِّ بكلِّ عناصره.
• تدريب احترافيّ: جمع بين القيادة الصَّفِّيَّة، والتَّحليل، والتَّفاعل المباشر.
• إشراك الطُّلَّاب: رفع من قيمة التَّدريب العمليِّ وواقعيَّته.
• دور المعلِّم المركزيِّ: تمكين المعلِّمين من تحليل تجربتهم وممارساتهم.
أثبتت هذه التَّجربة أنَّ من أفضل طرق تدريب المعلِّم هي تلك الَّتي تحاكي واقعه وتشركه في بيئة صفيَّة حقيقيَّةً. منتدى روَّاد التَّعليم لم يقدِّم نموذجًا تدريبيًّا فحسب، بل أعاد تعريف معنى الصَّفِّ الاحترافيِّ الَّذي يبنى بالشَّراكة بين المعلِّم والطُّلَّاب، ويدار بفكر واع، ورسالة تربويَّة راسخة